Ebook: عالم جامح- كيف تعيد العولمة تشكيل حياتنا
Author: Anthony Giddens
- Year: 1998
- Language: Arabic
- epub
توطئة : احتوى هذا الكتاب على محاضرات للمؤلف أذيعت عبر محطة BBC اللندنية عام 1999م.. عَرَضَ من خلالها خلاصة تجربته الفكرية ونظرته الفلسفية والتحليلية لجوانب من إشكالية (العولمة) فلا يصنف هذا الكتاب بالتالي ضمن الكتاب الدراسية، أو تلك الملتزمة بالمنهجية العلمية في الإعداد والطرح.
عرض الكتاب : يعالج (أنطوني جيد نز) في مؤلفه هذا إشكالية العولمة (وهي صناعة تدار من الغرب وتحمل بصمات القدرة الاقتصادية والسياسية والأمريكية وتقترن بعدم المساواة الشديدة فيما يتعلق بالعواقب) وتأثيراتها المباشرة على مجموعة من التغيرات من خلال إعادتها لتركيب الأنماط البيئية والاجتماعية (الاختلاط الثقافي).
إنَّ العولمة ثورة جذرية على كثير من الأصعدة.. بل إنها ظاهرة سياسية وتكنولوجية وحضارية.. كما هي ظاهرة اقتصادية.. والتغيرات المصاحبة لها.. وتحديداً (المخاطرة التقاليد العائلة الديمقراطية) التي تشكل مادة الكتاب، سوف تتفاقم بما قد يؤدي إلى تشكيل مجتمع عالمي يشوبه الفوضى، ومحفوف بشتى أنواع القلق، وملئ بندوب الفرقة والانقسام.
فمفهوم (المخاطرة المصطنعة) التي أوجدها تأثير تطوير الإنسان للمعرفة (الميزة الرئيسة لحضارة المجتمعات الصناعية الحديثة) متأثرة بشكل مباشر بظاهرة العولمة.. بل إنَّ الأخيرة تختبئ خلف التغيرات الحرارية والمناخية والبيئية لكوكب الأرض.. وكذلك التغيرات في الدواء والطعام.. خاصة في ظل السياقات العلمية، والمعلومات التقنية المتغيرة والمتناقضة.. بل وفي عدم العلم بها أو التيقن منها في العديد من الأحوال إلا بعد فوات الأوان.
وإذا كان التعايش مع العولمة يعني التعايش مع خليط من مواقف المخاطرة إلا أنه يمكن وضعها تحت السيطرة من خلال تعاون الحكومات، وإنشاء مؤسسات لمراقبة التغيرات التكنولوجية.. سواء على المستوى الوطني أو العالمي.
أما (التقاليد) وقرينتها (العادات) وهما المادة الخام لحياة الناس على مدى التاريخ الإنساني، ومستودع الحكمة المختزنة، وفقاً لرأي حرَّاسها، فقد تصدع بناؤها في المجتمعات الغربية، وترسخت مظاهر العولمة، بما يثير القلق بصورة مطردة بشأن الثقافة وطرق الحياة التقليدية في العديد من بقاع العالم (دخول النساء في مجالات العمل بأعداد متزايدة والمطالبة باستقلالية أكثر لتحقيق المزيد من المساواة).
ولقد ترتب على هذه التحولات العولمية أن ظهرت الأصولية (الدينية أو العرقية أو القومية أو السياسية) كمبدأ نقيض للعولمة، ومواجهة إشكالية الأصولية يتمثل في إبداء تسامحٍ وحوارٍ يمكنهما أن يؤديا إلى قيم من نوع شامل، خاصة في ظل عدم إمكانية العيش في عالم خالٍ من القدسية.
وفيما يخص الحياة الاجتماعية، ومؤسستي الزواج والعائلة.. تتقدم ثورة (عولمية) وبشكل متفاوت في مناطق وثقافات متباينة، وتواجهها مقاومات عديدة، ففي المجتمعات الغربية تصدَّعت إلى حد كبير (أنظمة القيم العائلية التقليدية) وأوضحت أشبه بالمؤسسات (القشرية) إذ اتسعت دائرة النشاط الجنسي خارج نطاق مؤسسة الزواج، وبرزت ظاهرة (المساكنة أو التعايش كالزواج) وفُصل بين النشاط الجنسي والتناسل (مفهوم الثنائية) وكنتيجة منطقة لذلك ازداد قبول المجتمعات الغربية لظاهرة (الشذوذ الجنسي).. ويخلص المؤلف إلى اعتبار استمرار نظام العائلة التقليدية أو مظاهره في أصقاع عديدة من العالم أكثر إقلالاً من تدهوره.
أما الديمقراطية (وهي نظام يشتمل على التنافس الفاعل بين الأحزاب السياسية من أجل الحصول على مناصب في السلطة عبر الانتخابات الحرة العادلة) فهناك نوع من خيبة الأمل بشأن العملية الديمقراطية في الدول ذات الأنظمة الديمقراطية العريقة، عكسه انخفاض معدلات الثقة بالسياسيين لمعالجة قضايا مثل (الاقتصاد البيئة حقوق الإنسان) وانخفاض معدلات التصويت تبعاً لذلك، ويمكن إرجاع هذا الأمر إلى عامل (ثورة الاتصالات العالمية) إذ أنتجت مواطنين يمتلكون المعلومات نفسها التي يمتلكها أصحاب السلطة، ومن ثمَّ أكثر نشاطاً وأكثر استعداداً للتعبير عن رد فعل من أي وقت مضى.
إن مرحلة العولمة تستلزم تعميق الديمقراطية (دمقرطة الديمقراطية) عبر تقليص حقيقي لمركزية السلطة، ووضع قوانين فعَّالة ضد الفساد، وإجراء إصلاحات دستورية، وتبني المزيد من الوضوح والصراحة في الأمور السياسية (جعل عملية صنع القرار السياسي قريبة من اهتمام المواطن) وأن تتعود الأحزاب السياسية أكثر من الماضي على التعاون مع المجموعات (أحادية الاهتمام).
ولمواكبة تسارع وتيرة العولمة، وفي ظل عالم يتكل بعضه على بعض بشكل متزايد، وقضايا مشتركة (المخاطر البيئية والتذبذب في الاقتصاد العالمي والتغير في التقنية العالمية) يمكن تبني ديمقراطية على مستوى أعلى من الدولة (المؤسسات العالمية) لأن عالمنا الجامح هذا لا يحتاج إلى حكومة أصغر، بل إلى حكومة أكبر، والمؤسسات العالمية (الأمم المتحدة الاتحاد الأوربي على سبيل المثال) كفيلة وحدها بتوفير هذه الحكومة.
ويخلص أنطوني جيد نز إلى أن عواقب العولمة ليست بالهينة، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يعيشون خارج (أوروبا وأمريكا الشمالية) فقد يرون فيها مسألة تخص العالم الصناعي في الشمال.. أما بالنسبة إليهم فهي أداة لتدمير الثقافات المحلية، وتكريس عدم المساواة..
إنَّ المعالجة لا تكمن في رفض العولمة واتباع سياسة (العزلة الاقتصادية) فتلك خطوة في الاتجاه الخاطئ للدولة الغنية والفقيرة على السواء.. بل في إعادة بناء المؤسسات الحالية، أو إنشاء مؤسسات جديدة، وقد يكون من الأمور الإيجابية مستقبلاً اطراد تحول العولمة نحو اللامركزية.. الأمر الذي يجعل تأثيرها ملموساً في الدول الغربية والبلدان الأخرى على حد سواء.
عرض الملحق: يحلل أولرتش بك حالة (النزعة الفردية) و(حمى الأنا) أو (الأنانية الوبائية) التي أضحت الأكثر حضوراً في (الثقافة الغربية) ويعرض الكاتب لنحو (15) نقطة يسرد من خلالها مظاهر هذه النزعة الفردية المصاحبة لعالم جامح من التحولات والعولمة وتقهقر النظام الاجتماعي والطبقي والعرقي.. واتساع الدولة القطرية (تجَّوف السيادة الوطنية وتداعي علم الاجتماع المؤسس على فكرة الدولة).